الأحد، 11 مارس 2012

مكارم الأخلاق

الخلق الحســـــــن فــي الإسلام


الإنسان هو خلقه , وقد جاء الإنسان إلى الحياة ليمارس أكبر قدر من الأخـلاق , وهو كلما ارتقى في سلم الأخلاق , كلما رقى في درجات إنسانيته وتمكن من ممارسة هذه الإنسانية بأبعادها 0 الأخلاق هي إحدى الثمرات السامية من ثمار الإيمان ، يزداد الإنسان رسوخاً في إيمانه فتينع شجرة الإيمان المباركة في تربة روحه نضيج ثمرة الأخلاق .
الإنسان هو خُلقه ، ولذلك عندما شاء رب العزة  تبارك وتعالى أن يثني على نبيهورسوله محمد صلى الله عليه وسلم  قال  :" وإنك لعلى خلق  عظيم " فكان صلى الله عليه وسلم  دائم السؤال لربه :" اللهم أحسن خُلقي كما أحسنت خَلقي ". الأخلاق ليست نفوذاً ، ولا جمالاً ، ولا مادة . إنها سلوك ذاتي مع الذات بالدرجة الأولى ، فتشع مواقف أخلاقية – من تلك العلاقة  الذاتية - مع الآخرين 0والإسلام لايحض المسلم أن يكون خلوقاً مع الناس أجمعين فحسب , بل أن يكون خلوقا مع ذاته كذلك , فمن عجز أن يكون خلوقا مع ذاته,يعجز أن يكون خلوقا مع الآخرين, و حتى لو أظهر الأخلاق فإنها لاتنبع إلاّ من ذات متأصلة في الخُلق. قد يبدر موقف أخلاقي من عائل مسكين ما بدر من ثري ذو جاه .
يصعب على المرء أسر هذه الكلمة في دائرة تعريف ، كل نظريات تعريف الأخلاق على مدى العصور السابقة لا تزيد هذه الكلمة إلاّ اتساعا في المعنى . فالأخلاق تتغذى بالعفة ، تتغذى بالصبر ، تتغذى بالحياء ، تتغذى بالمعرفة ، تتغذى بالتقوة ، بالكرم ، بالسلم ، بالعفو ، بالشجاعة . الأخلاق هي فردوس الإنسان . مَنْ لم يكن بتلك المزايا لبث مطروداً من فردوسه يمضي أيامه في تيه من شقاء . قال تبارك وتعالى : " ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها " . تسمو الأخلاق بإنسان مراتب عليا يستحي من أخلاقه إن راودته نزوة ، وإن تغاضى الطرف استحى من أهليه ، وإن تناسى استحى من الله . تسعى شجرة الأخلاق الراسخة في عمق صاحبها أن تجنبه المهالك . يمكن للأبوين أن ينمّيا بذور الأخلاق لدى الطفل فيتمتعان بنعمة تقديم كائن أخلاقي للحياة  . إننا أحوج إلى دراسة مزايا الأخلاق في مختلف مراحل التربية ، فالإنسان يمتاز بأنه كائن يتلقى دروس التربية حتى لحظاته الأخيرة .  نحتاج إلى قوة ملاحظة تمكننا من النظر في كلمات ومعاني الأخلاق . كل إنسان يحتاج لأن يكون فقيهاً في مدرسة الأخلاق . قال خير الأنام :" إنما بُعثتُ لأتمم مكارم الأخلاق ". يجد المؤمن مكارم الأخلاق في كتاب الله ولدى سنة متممها صلى الله عليه وسلم  ." لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً " 0 قا لت السيدة عائشة  أم المؤمنين رضي الله عنها واصفة أخلاق رسول الله صلى الله عليه وسلم :" كان خلقه القرآن " . الأخلاق ذاتها عبادة يقدّمها الإنسان لربه ، عبادة وصفها النبي صلى الله عليه وسلم  بقوله :" ما شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من خلق حسن " . وكون النبي صلى الله عليه وسلم  على خلق عظيم وهو الأقرب إلى ربه ، فإن الإنسان ومن مختلف الأزمان والأماكن يكون جليس رسول الله صلى الله عليه وسلم  يوم القيامة بخلقه الحسن الذي كان عليه في الدنيا . قال صلوات الله وسلامه عليه  موجهاً كلامه للناس كافة  على مر الزمن :" إن من أحبكم إلي وأقربكم مني مجلساً يوم القيامة أحسنكم أخلاقاً ".
شاء خالق الكون تبارك وتعالى  أن يعز الإنسان ويكرمه بنعمة الأخلاق فألهم نفسه فجورها ، وألهمها تقواها ومنح لهذا الكائن الذي أراد له الحرية أن يسلك أيهما . وهذه هي أرقى أشكال الحرية وأرقى أشكال التكريم الإلهي للبشر . كل إنسان يأتي إلى هذا الكون يكتشف نعمة الأخلاق ويلبث يكتشفها إلى اللحظات الأخيرة من حياته  لأن الإنسان سيكون حتى تلك اللحظات الكونية الأخيرة متدرجاً في  درجة جديدة من درجات الأخلاق  لم يكن يخبرها . هنا أريد أن ألخص إلى أمر غاية في الحساسية وهو مقدار التعقيد الذي يحمّله بعض الناس على ذاته ، وهذا البعض يمثل نسبة عالية من مختلف شرائح المجتمعات البشرية بصورة عامة . فالإنسان هو كائن أبسط من حجم ذاك التعقيد المرعب الذي يضع ذاته في دائرته ، وأي كائن بشري في العالم جاء إلى هذه الحياة زائراً وهو يحمل براءةة ذمة تجاه الآخرين وتجاه الله عز وجل   ، ما يهم أنه لا يوجد كائن بشري يولد مُداناً وهذا يجعله دائم الانحياز إلى صفحة البراءة التي ولد بها وفتح عينيه على العالم بها واستقبله العالم بها .


هناك تعليقان (2):